بث الملتقى القطري للمؤلفين مساء الخميس محاضرة بعنوان “لماذا أقرأ و لماذا أكتب” قدمها الأستاذ أحمد الراشد عبر قناة الملتقى على يوتيوب، و ذلك في إطار الاستعداد لإطلاق حملة ” أطلق فكرك بلقمك” بداية شهر يوليو.
و تحدث الراشد في بداية المحاضرة عن أهمية الكتاب من منطلق ديني باعتبار ان الله سبحانه و تعاله جعل القران معجزة خالدة ودستورا للأمة الإسلامية، و أشار الله إلى القران باعتباره كتابا “ذلك الكتاب لا ريب فيه” والكتابة وسيلة تخدم العديد من الأهداف، أهمها جعل الامة تتطور و تتقدم بالقراءة و الفكر و الثقافة و الادراك العميق والاستنتاج السليم.
و قال إن الله سبحانه و تعالى جعل القرآن دستورا الامة و هو دليل على أهمية الكتاب، و تتأتى هذه الأهمية من ثلاثة عناصر أساسية مرتبطة بالكتاب أولها القراءة حيث ان أول آية في القرآن “اقرأ” ثاني عنصر هو الكتابة و هو قد أيضا في كتاب الله في نفس السورة “الذي علم بالقلم”، أما العنصر الثالث فهو التفكر و التدبر في القراءة و الكتابة ،اذا تفقد عملية القراءة والكتابة معناها دون فكر و الدليل على ذلك قوله تعالي “ليدبروا آياته” حيث أنه لابد استخلاص الفكرة من القراءة و من طرح فكرة عند الكتابة.
و عدد مجموعة من الشروط الأساسية لإنجاح عمليتي القراءة والكتابة وهي التحلي بالعزيمة و الاستمرار و الاستمتاع ،باعتبار أن العزيمة هي مفتاح باب القراءة ، فعادة ما يكون هنالك تململ و ضيق الوقت و الملل و الضجر الذي يشعر به القارئ لكن يجب محاربتها من خلال الإصرار وتخصيص مدة زمنية قصيرة يمكن أن تكون 5 دقائق في البداية و المواظبة على هذه العادة التي تصبح جزءا من الروتين اليومي ،هذه المدة القصيرة ستتحول يوما بعد يوم الى مدة أطول لا شعوريا و يجد القارئ نفسه قد قطع شوطا كبيرا في القراءة دون أن يشعر، ثم يصل الى مرحلة الاستمتاع و تصبح القراءة تغذية للروح و سيسعى القارئ تلقائيا الى ممارسة القراءة، الخطوة الثانية تخصيص الوقت و المكان المناسب لممارسة القراءة التي تصبح عنصرا أساسيا في الجدول اليومي، المرحلة الثالثة الوصول الى مرحلة تشكيل مهارة اختيار الكتب و هي مرحلة لا يمكن الوصول اليها الا بعد المرور بالمراحل السابقة حيث يصبح القارئ قادرا على اختيار الكتب التي تناسب فكره و ميوله، المرحلة الموالية هي مرحلة الخروج بأفكار من الكتاب و تنمية القدرة التحليلية و الخروج باستنتاجات حيث يحصل القارئ على قوة ادراك عالية لفهم ما بين السطور و لا يقف عند السطر و المعنى الظاهر للكلمة بل يكشف ما ورائها بعد أن يضعها في سياقها الاجتماعي و التاريخي و الجغرافي و الثقافي .
و نصح الأستاذ الراشد ببعض الكتب التي اعتبر أنها مفيدة ولابد من الاطلاع عليها و هي كتاب ” الشيخ و البحر” لمانغوي و كتاب آلام فارتر ل يوهان غوته و هي كتب متوفرة ويمكن الحصول عليها بسهولة كما أنها كتبت بأسلوب شيق و تضمنت طرحا مميزا حيث نجح أصحابها في اختيار الكلمات المناسبة في كل موقف و في طرح فكرة بسيطة و قوية في نفس الوقت.
كما نصح بتوسيع الفكر في المرحلة الموالية من خلال قراءة بعد الكتب لراسبوتين ،فيكتور هيغو، ماركيث ، دوستويفسكي ، و هو مؤلفات مترجمة الى اللغة العربية و متوفرة في مختلف المكتبات تحتوي على فكر و اهداف و رسالة بأسلوب مميز مشيرا إلى أن الاطلاع على الأعمال المختلفة لا يعني بالضرورة تأييد صاحب الكتاب أو مشاركته آرائه.
.
و حسب رأي ضيف الملتقى المراحل السابقة و قائمة المؤلفات لا يمكن أن تكتمل إلا بقراءة كتاب سقوط الحضارة لكولن ولسون الذي قال إنه جمع جميع التجارب الكتابية السابقة ،اذ اخذ مقتطفات من الكتب سابقة الذكر و كشف المعاني المبطنة بين السطور حيث قسم كتابه ل 20 فصلا خصص كل فصل لأحد الكتاب السابقين الذين تركوا بصمتهم و خلدوا أسماءهم.
ثم انتقل الأستاذ الراشد للمحور الثاني من المحاضرة الرئيسية هو “لماذا أكتب” و قال إن الكاتب يجب أن يكون صاحب فكر و رسالة و رؤية سواء في القصص القصيرة او الرواية أو حتى الرسائل و كلها يجب أن تصل إلى المجتمع .
و ألقى الضوء على أهم خطوات الكتابة بداية من القراءة لا نفتح عالم الكتابة دونها و هي التي تمكن الكاتب من تعلم أساليب جديدة و تصنع اسلوبه الخاص ،ثم مرحلة التجربة من خلال كتابه كل الأفكار ، اذ شجع على الكتابة كل ما أراد إيصال رسالة أو التعبير عن فكرة أو خاطرة أكتب حيث سيتم اكتساب العديد من المهارات الجديدة و القدرة على تطويع الكلمات إضافة تطوير المخزون اللغوي من التعابير الدقيقة و المناسبة لكل مقام و يكون الكاتب أسلوبه الخاص و يطبع بصمته في كل ما يكتب حيث تعكس الكلمات شخصية صاحبها و فكره ، مشيرا إلى أن أهم المؤلفين في العالم يلتزمون بنفس الأسلوب في مختلف أعمالهم رغم اختلاف الأفكار و القصص التي يطرحونها.
و في نهاية المحاضرة أشار الأستاذ الراشد إلى أهمية النقد الذي اعتبره عملية طبيعية نظرا لاختلاف الفكر ووجهات النظر و هي عملية ضرورية لتجويد الاعمال مؤكدا أن النقد لا بد أن يوجه للعمل لا لصاحبه موضحا انه دليل على اجتهاد الكاتب في إيصال فكره و رؤيته .