خلال الجلسة الثانية بمناسبة اليوم العالمي للمعلم استضاف الملتقى القطري للمؤلفين مساء الخميس كل من الدكتور سعيد الرحمن من جامعة العالية بالهند والدكتورة نجلا كلش من جامعة إيطاليا والدكتور جعفر يايوش من جامعة الجزائر في ندوة دولية بعنوان “تجارب دولية للتعليم الجامعي في زمن الجائحة” أدارها الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ مناهج البحث والدراسات النقدية والمقاربة بجامعة قطري وبثت عبر قناة يوتيوب الخاصة بالملتقى.
و قال الباحث الهندي الدكتور سعيد الرحمن أن الأساتذة هم القادة و هم من يصنعون الإنسان و هم يستحقون الاحترام و التقدير و الثناء و الاحتفال بمكانتهم و ما يتركونه من اثر في المجتمع، مؤكدا أن لا بد من تكريم الاساتذة من خلال منح شهادات ذات قيمة و التركيز على دور المعلم في نهضة الأمم، كما يمكن أنجاز أعمال حول إنجازات الأساتذة الكبار و جمع سيرهم الذاتية و نشرها في كتاب في كل دولة.
كما تحدث عن تجربة الانتقال من التدريس المباشر الى التدريس الافتراضي في الهند في ظل الجائحة، حيث قال ان الاستجابات تباينت في الظروف الطارئة، ففي الشهور الأولى أغلقت الجامعات تماما في انتظار انتهاء الجائحة لكن بعد شهرين بدأت ادارات الجامعات بتوجيه الأساتذة الة تقديم دروس عبر المنصات الافتراضية مع الاخذ بعين الاعتبار ظروف الطلبة كعدم ودود الكهرباء في بعض المناطق و الانترنت المتقطع في مناطق أخرى، و من ناحية الأخرى شكك مجموعة كبيرة من الأساتذة بجدوى الفصول الافتراضية، حيث أن بعض الجامعات أجرت بحوثا في وقت سابق حول مدى فاعلية التعليم عن بعد و خلصت هذه الدراسة الى أن 30 % فقط من مجمل الطلاب خاصة في المراحل العليا قادرون على الوصول الى المعلومة عن بعد في حين يتعذر ذلك على بقية الطلاب بسبب عدم توفر البنية الأساسية الكفيلة بإنجاح عملية التعليم عن بعد، لكن مع استمرار الجائحة لفترة زمنية لم تكن متوقعة كان لا بد من العودة للدراسة عن بعد رغم ان التحديات مازالت تفرض نفسها من ناحية الطلاب و من ناحية المدرسين أنفسهم الذين يعوزهم التدريب عن استخدام المنصات الافتراضية، مشيرا الى أن التعليم عن بعد قد ينجح إلى حد ما في العواصم الهندية و المدن الكبرى في حين أنه يكون مستحيلا في القرى الصغيرة، حيث تمكنت ولاية كيرالا الهندية من التأقلم مع هذه الظروف واستخدام المنصات الافتراضية واستغلالها في نشر الوعي و الثقافة، مشيرا الى ان اقسام تعليم اللغة العربية بالجامعة الهندية كانت الأكثر استفادة من الجائحة حيث انه كانت تعقد ندوة واحدة سنويا بالتعاون مع الأساتذة العرب وكانت الجائحة سببا في فتح جسور التواصل بين الهند والدول العربية و تكثيف الأنشطة المشتركة حتى أن طلبة اللغة العربية استفادوا كثيرا من المحاضرات التي قدمها الدكاترة في مختلف المجالات المتعلقة بالأدب و الثقافة موضحا أن الحل الأمثل في هذه الفترة هو المج بين التعليم المباشر و التعليم الافتراضي.
و من إيطاليا تحدثت الأستاذة نجلا كلش عن تجربتها في لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها عن بعد في ظل انتشار فيروس كورونا، حيث انه إيطاليا على غرار مختلف دول العالم كانت هذه السنة الأكثر تحديا بالنسبة للمعلمين و الأساتذة الجامعيين، و على رغم التحديات الآن المعلمين واصلوا أداء واجبهم على افضل وجه و تحلوا بالمرونة و التصميم لقيادة الطلاب في الظروف غير المستقرة، حيث أن التعليم عن بعد يتطل مجهودا مضاعفا كما أنهم لعبوا دورا مهما في حياة الطلاب وفي المجتمع اجمالا، واشارت ان الاحتفال باليوم العالمي للمعلم فرصة للتعرف على جهود المعلمين حول العالم معتبرة أن التذكير بجهود المعلم والتحديات التي يواجهها و تمكينه يعد افضل تكريم له، وقالت أنه خلال الجائحة أدركت الحكومة الإيطالية مدى أهمية الاستثمار في المعلمين و الباحثين الذي كان في الصفوف الأولى في مواجهة الجائحة. مؤكدة أن ثقافة التعليم عن بعد تعد جديدة عن إيطاليا رغم عراقة الجامعات الحكومية و الخاصة حيث كان التعليم عن بعد حكرا على بعض طلبة الدكتوراه في الجامعات الخاصة، وهو جعل الأساتذة و الطلبة غير جاهزين للانتقال للتعليم عن بعد بسبب الصعوبات التقنية وخصوصية بعض المحاضرات التي تتطلب تواجد الطرفين داخل الفصل، و اضافت أن الحجر المنزلي أثر على نفسية الأساتذة و الطلبة بسبب التغير المفاجئ لنمط الحياة و هو ما ضاعف مسؤولية المعلم لتحفيز الطلبة على التأقلم، و اشارت أن المواد المخصصة لتدريس اللغة العربية ليست متوفرة بشكل كاف على المنصات الافتراضية كما هو الحال بالنسبة لبقية اللغات، و أوضحت أن الدراسة عن بعد كان لها العديد من الإيجابيات مثل المحافظة على التواصل الاجتماعي رغم الحجر المنزلي كما أن نسبة تفاعل الطلاب تضاعفت في التدريس عن بعد خاصة الطلاب الأكثر خجلا الذين تمكنوا من كسر الحواجز و هو ما جعل هذه التجربة ناجحة، و ختمت بالقول أنه الجائحة فرضت إعادة النظر في المنظومة التعليمية و فتحت اعيننا حول إيجابيات التعليم عن بعد.
من جهته قال الباحث الجزائري الدكتور جعفر يايوش أن المجتمع الجزائري كسائر بلدان العالم شعر بالصدمة مع بداية انتشار الجائحة باعتبار أن انتشار الفيروس أحدث تغييرا تاما على نمط الحياة المألوف و طريقة التعليم كما عهدناها و قطعت مع العصر الطباشيري لتبدأ العصر التقني، معتبرا أنه لا رجعة الى الحالة السابقة، و هو ما يجعل العالم يثمن دور المعلم الذي يعلم ابجديات الحضارة و ينقل معارف السابقين للجيل الحالي الذي سيحمل بدوره المشعل للجيل الذي يليه لبناء المستقبل، ولا بد من تثمين مكانة الأستاذ في الوطن العربي من خلال إعادة التأهيل للاستعداد لفترات الأزمات على مستوى الاكاديمي و التقني لمواكبة التغيرات والتأقلم مع مختلف الظروف و لا بد من إعطاء المدرس المكانة الاجتماعية التي يستحقها ليتمكن من مواصلة تأدية واجبه و إيصال رسالته، كما لا بد أن يمنح الأستاذ فرصة في صياغة المناهج التعليمية ليكون مجددا ضمن مادته بما يتاح من الوسائل، مشيرا ان ما جعل الانتقال للمرحلة الحالية من التدريس عن بعد هو عدم الاستعداد النفسي و التقني للأساتذة،
و تحدثت عن تجربته الشخصية حيث أن الانتقال لم يكن صعبا بالنسبة اليه لأنه كان من الداعين و المشجعين على التدريب التقني و كان مشرفا على المنصات الافتراضية لنشر بيانات و بحوث الأساتذة في قسم اللغة العربية بجامعة الجزائر.
ويشار الى أن الجلسة الأولى بمناسبة اليوم العالمي للمعلم كانت قد بثت يوم الثلاثاء الماضي عبر يوتيوب الملتقى و سلطت الضوء على تعزيز مكانة العلم و المعلم في المجتمع القطري.