ضمن فعاليات العام الثقافي “قطرـفرنسا”
ملتقي المؤلفين يستعرض الخريطة النقدية العربية فبراير 16, 2020

عقد الملتقى القطري للمؤلفين مساء الأحد 16 فبراير 2020 جلسة نقدية بعنوان” تلقي النقد العربي المعاصر للنقد الفرنسي” قدمها الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب ومناهج الدراسات النقدية المقارنة في جامعة قطر، وحضرها مجموعة من المفكرين المهتمين بالنقد الأدبي والثقافي عموما. وتتنزل هذه الجلسة ضمن مشروع تعزيز النقد وتماشيا مع السنة الثقافية قطر فرنسا.

وقدم الدكتور بلعابد لمحة عن الخارطة النقدية العامة التي اعتبر أنها لا تخرج عن ثلاثة مراحل وهي النقد الخارجي ومن ثم مرحلة النقد الداخلي وأخيرا مرحلة نقد التلقي ونظريات القراءة التي عرفت رواجا في ثمانينيات القرن الماضي إلى الآن مع مرحلة ما بعد الحداثة، وكل هذه المراحل تتنزل في لحظة معرفية معينة؛ أولها لحظة الكاتب، تليها لحظة التركيز على النص ومن ثم أصبحت لحظة القارئ محور وركيزة عملية النقد وتحرير فعل الكتابة، وقد حملت هذه المراحل النقدية التي تلقاها الناقد العربي، مفاهيم نقدية وثقافية من بينها العلامة السيميائية ( عند غريماس)، الشعرية (عند تودوروف) والتناص ( عند كريستيفا)  ومفهوم موت المؤلف (عند بارت)، ذلك الموت المجازي بعد  انتهاء عملية الكتابة ليصبح قارئا وناقدا. 

وفي السياق ذاته تحدث الدكتور بلعابد عن تأثر الجيل الأول من النقاد العرب بالثقافة الفرنسية التي شربوا من مناهلها ونقلوها إلى طلبتهم والجيل الذي لحقهم وعن كيفية استدعاء مرجعية غربية واسقاطها على بيئة مغايرة، معتبرا أن تلقي الثقافة العربية للثقافة الفرنسية يتم عبر ثلاثة مراحل أولها مرحلة الترجمة، ثم مرحلة التمثل ويقصد به محاكاة الثقافة الغربية الوافدة فيما ينجز ويكتب من دراسات، وتأتي مرحلة الابداع أخيرا بعد أن يصبح الكاتب ضليعا بالثقافة المستضيفة له ومرتكزا على هويته الثقافية و الخصوصيات المحلية،  فيحصل التفاعل والحوار بين الثقافتين ليولد لنا منجز نقدي واضح العالم بيّن المفاهيم، و استشهد الدكتور بلعابد بعدد من المفكرين العرب الذين تلقوا المعارف في الجامعات الفرنسية و أصبحت أفكارهم حصيلة الدروس التي تلقوها و قاموا فيما بعد بتكوين جيل جديد من النقاد على غرار الأستاذ جمال الدين الشيخ  و كتابه “الشعرية العربية” والأستاذ عبد الكبير الخطيبي و كتابه” الاسم الجريح”   والأستاذ الهادي الطرابلسي صاحب ” الأسلوبيات” التي طبقها على شعر أحمد شوقي. 

وتحدث الدكتور عبد الحق أيضا عن الخارطة النقدية الحالية ومصطلحاتها الجديدة ومفاهيمها المعاصرة وأهم أعلامها على غرار زفيتان تودوروف، جوليان غريماس، جوليا كريستيفا ورولان بارت، داعيا النقاد في العالم العربي وتحديدا في دولة قطر إلى تمثل مقولاتهم ومفاهيمهم النقدية، والاطلاع على أبحاثهم مع المحافظة على خصوصياتهم الثقافية في مقاربة النصوص الإبداعية العربية، مؤكدا أن التلقي له العديد المحاذير التي لا بد أن نأخذها بعين الاعتبار أهمها فوضى المصطلحات بسبب اختلاف مرجعياتها المعرفية والنقدية في منابتها الأصلية، وعدم التمثل المناسب لها، و كذلك سوء النقل والترجمة لبعض المفاهيم والمصطلحات في الكتب النقدية التأسيسية، التي قد تفقد النص الأصلي قيمته أو تكون مجانبة لمضمونه.

وكانت هذه الجلسة فرصة للخروج بعدة توصيات للنقاد الثقافيين سواء في الملاحق الثقافية أو في الوزارات والهيئات المختصة في الثقافة أهمها الاطلاع على الأبحاث والمدارس النقدية والمشاركة في ورشات لتطوير مستوى النقد إضافة الى تكوين شبكة للقراءة تمكنهم من النقد البناء والهادف والرصين.

ويواصل الملتقى القطري للمؤلفين أنشطته الثقافية باعتباره هيئة ثقافية تتبع لوزارة الثقافة والرياضة تعنى بالاهتمام بالمؤلفين، ويهدف الملتقى إلى الاهتمام بالمؤلفين وبخاصة في الارتقاء بالمستوى الثقافي للمؤلفين وفق قرار وزير الثقافة والرياضة رقم (91) لسنة 2018 بتأسيس الملتقى القطري للمؤلفين واعتماد عقد تأسيسه ونظامه الأساسي.