ضمن الجلسة النقدية النقاد وما يقاربون: الملتقى القطري للمؤلفين يناقش من أدب الاستعمار الى أدب الفتيان” اعلام الملتقى نوفمبر 9, 2020

ضمن الجلسة الثانية من المبادرة النقدية النقاد وما يقاربون و التي يشرف عليها و يديرها الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب و مناهج الدراسات النقدية و المقارنة بجامعة قطر والتي تبث كل يوم اثنين عبر قناة يوتيوب، استضاف الملتقى القطري للمؤلفين الناقدة الأستاذة الدكتورة رزان محمود إبراهيم البروفيسور بجامعة البترا في الأردن و رئيسة قسم اللغة العربية في جامعة البترا سابقا لمناقشة موضوع ” من أدب الاستعمار الى أدب الفتيان”. و أكدت الدكتورة الأردنية أن المناهج النقدية متلاحقة فلكل منهج شروطه التاريخية، و أن الخطاب مهمة سياسية أكثر من كونه بنية ثقافية أو جمالية فالنص مرتبط بالعديد من العوامل و على رأسها العامل السياسي، فالتوجه العام و الرؤية النقدية الجديدة التي تحمل نزعة إنسانية تقوم بتوجيه الجميع ليكون لهم مكانة و شأن و تنحاز للضعفاء و تعارض الأفكار السلطوية و المتعالية، و من هنا يمكن للتابع أن يسمع صوته من خلال الدور الذي يمكن أن يقوم به المبدع من جهة ودور الناقد من جهة ثانية، فقد شهد القارئ على مدى سنوات روايات تحاكم جريمة فرض الصمت على التابع فردا كان أو شعبا في حين أعطي المجال للجلاد لكي يعلي صوته كما في حالة الاحتلال الإسرائيلي حيث قوبلت الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني بالصمت في حين كان هناك عشرات المسلسلات و الأفلام التي تتناول المحرقة، فظهرت العديد من الروايات التي تنبؤ أن مهمة الكاتب من المنظور ما بعد الاستعماري هي أن يكون ذلك التابع الذي يقاوم بالكتابة و حفزت على رد الفعل تجاه الإبادة و الازاحة، حيث اصبح التابع قادرا على الرد على القبح الاستعماري من خلال الاعمال الأدبية و الفنية، حيث أن المستعمر عمل على رسم صور نمطية متكررة له و من بين الصور أن الأرض تصبح عروسا جميلة و يصور نفسه في صورة الفارس الذي يختطف العروس في حين ان الروائي في الخطاب السردي ما بعد كولونيالي أصبح مطالبا بإبراز صورة مشرفة للمستعمر الذي لا يستسلم و لا يموت قهرا بل يواجه و يعود ليقف في وجه المستعمر الذي يسعى لطمس الملامح و الأسماء التاريخية. ودعت الى تعليم التابع المحافظة على صوته مسموعا والتشبث بحقوقه وعدم الرضوخ للمستعمر لا سيما مع وجود تيار يحاول اظهار اليهودي في صورة الطيب. 

و اعتبرت أن الغرب نصب نفسه وصيا على بقية الشعوب و اعتبرها تابعة له و هو يحاول نقلها الى مستوى الحضارة الأوروبية، و في هذه الحالة يجب على التابع أن يدافع عن هويته الوطنية و يعززها و يبرزها لكي لا تذوب و تندثر و ذلك من خلال كتابة أدب منبثق من صميم المجتمع و الكتابة في اطار ذائقة اسلوبية تحافظ على الخصوصية الثقافية و الابتعاد على قالب الأدب الغربي، إضافة الى المحافظة على اللغة المحلية في الكتابات معتبرة أنه لا عذر لروائي يصمت عن قضايا وطنه و شعبه و هو الفخ الذي وقع فيه الكاتب  ألبير كامي الذي دافع عن القوى الامبريالية و برر لفرنسا احتلالها للجزائر نظرا لكونها من الأقطاب الاقتصادية الكبرى في العالم و هو مبرر لها في نظره الاعتداء على ارض و شعب مؤكدة أن رواية “موسم الهجرة للشمال” تمثل شكلا من أشكال المجابهة الحقيقية للغرب. وتحدثت عن دور الناقد الذي يقوم بإعادة توجيه بوصلة الكتابة الأدبية نظرا لكونه لا يقبل الصيغة السهلة و الأفكار المبتذلة التي يأتي بها أصحاب السلطة و لا يقبل الأفكار بكل سذاجة و يقوم بتحليل علاقات القوة فنجد العديد من النظريات الماركسية التي طغى حضورها و التي تتجلى بشكل واضح في كتابات ادوارد سعيد، فالناقد لا يقف موقف الحياد بل يقوم بنظرة تأملية تكشف أساليب الهيمنة في الأدب ليساعد القارئ على تلمس المواطن المخفية في النص و فك رموز النص وأسراره و الأيديولوجيات المحملة داخله.

  ثم تطرقت الدكتورة رزان إلى الرواية التاريخية بين الحوارية والمنولوجية، والتي رأت أن الرواية العربية أصبحت تضع لها أفقا كتابيا تجريبيا من خلال العودة إلى التاريخ ، لتقول حاضرها المتأزم لتحقق حواريتها مبتعدة عن تلك الإيديولوجيا التي وعت في هذه الألفية الجديدة أنها ربما لن تصنع شعرية الرواية القادمة يتفاعل معها جمهور القراء في ظل الأزمات الحالية، لتنتقل لموضوع في غاية الأهمية وهو أدب الطفل وثقافته في الوطن العربي، وغياب النقد الذي لا يريد أن يعترف به جنسا أدبيا خالصا، لتحاول الدكتورة وضعنا أمام أهم هذه الإشكاليات والرؤى النقدية التي تمكنت من تحليلها خاصة ونحن أمام ما يعرف بقصة الخيال العلمي، والقصص التفاعلية للأطفال التي  تحتاج  إلى آليات نقدية متجددة أمام موضوعات مهيمنة في عالم الطفل البيئة، العنف، الرقمي، الاستدامة لتختتم هذه الجلسة بسؤال عن آخر كتبها المهمة الصادر حديثا والذي شاركها فيه الروائي الجزائري الكبير واسيني الأعرج بعنوان (كيف تكتب رواية)، كتاب يحاول مرافقة المبدع المبتدئ وحتى المحترف من خلال محاولة الإجابة عن سؤال ظاهر مباشر، ولكن باطنه عميق، وهو كيف نتقن مهارة كتابة الرواية بالاعتماد على الموهبة، والتجربة المتراكمة بالقراءة والكتابة، فهو لا يقدم التقنيات الجاهزة لكتابة الرواية بقدر ما هو رؤية للإبداع من حيث هو تجربة وممارسة، يمكن للمبدع أن يفجر من خلالها طاقاته الإبداعية.