في إطار جهوده لتعزيز ثقافة النقد داخل المجتمع أطلق الملتقى القطري للمؤلفين مبادرة جديدة تحت عنوان “النقاد وما يقاربون” وتاتي هذه المبادره بعد نجاح المبادرة النقدية السابقة “اقرأني فإني هذا الكتاب” الخاصة بالقراءات النقدية للمنجز السردي القطري التي كانت ذات بعد عالمي، والتي استمرت لأكثر من خمس أشهر، ليعزز الملتقى مشروعه النقدي بمبادرة أخرى يشرف عليها الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب والمناهج النقدية والمقارنة بجامعة قطر، والذي يستضيف نخبة من النقاد لمحاورتهم ومناقشة مشاريعهم النقدية، يستفيد منها الباحث المتخصص، والقارئ العادي، في فهم الأدب وجمالياته، ويكون ثقافة نقدية داخل المجتمع.
وقد استضاف في الجلسة النقدية الأولى و التي عقدت عن بعد يوم الإثنين و بثت عبر قناة يوتيوب الناقد الجزائري الدكتور عبد الغني بارة الذي قدم موضوعا مهما حول الانتقال من السرديات إلى التأويليات، حيث ناقش قضية نقدية في غاية الأهمية وهي كيف خرجنا من السرديات البنيوية الكلاسيكية إلى السرديات التلفظية الجديدة التي تحاول إعادة قراءة المحكيات قراء جديدة منطلقة من افتتاح النص وتفاعله مع كل عناصره التواصلية (الكاتب، النص، القارئ)، وبهذا ناقش حديث النهايات، خاصة المقولة المشهورة عن موت المؤلف، التي لم تعد صالحة في خطاب ما بعد الحداثة الذي يحاول استعادة المؤلف في سياق حياة النص وتلقي القارئ له، وهنا دخل الضيف في المرحلة الثانية من مشروعه الذي كرسه لتأويل النصوص وفهمها من خلال المناهج التأويلية الحديثة من شلايرماخر إلى هايدغر باحثا عن ما أسماه الهيرمنوطيقا التثاقفية التي تسمح بفتح حوار واع مع الآخر بكل صوره وتنوعه الثقافي من خلال مقولات الغيرية التي تحترم الخصوصيات، والترجمة التي تعد جسرا للتواصل بين الحضارات والثقافات، وبهذا خلص إلى أن التأويل يوصل يمكننا من فهم الآخر وبناء ما أصبح يعرف بفن التعايش في ظل كل هذه المتغيرات والتنوعات الثقافية والاجتماعية والبيئية.
وستستمر الجلسات النقدية لمبادرة “النقاد وما يقاربون” طيلة شهر نوفمبر وديسمبر القادم.