ضمن مبادرة ما بين الرفوف:
رحلة للتعرف على النفس مع “أرض البشر”
اعلام الملتقى-
ضمن مبادرة ما بين الرفوف الأسبوعية التي يقدمها كل من الأستاذ حسن الأنواري والأستاذة ريم دعيبس،بث الملتقى القطري للمؤلفين مساء الأحد عبر قناته يوتيوب جلسة مسجلة تم خلالها مناقشة كتاب أرض البشر و هو سيرة ذاتية للكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت يروي خلالها الكاتب تجربته في قيادته لطائرات البريد الجوي عبر صحراء شمال أفريقيا.
في بداية الجلسة عرفت الأستاذة ريم دو سانت بكونه طيار وكاتب فرنسي، ولد عام 1900 في مدينة ليون ومات في مهمة من أجل فرنسا عام 1944 ، حيث كان صاحب رسالة وحاول في مختلف رواياته أن يعثر على معاني كل سلوكيات مجتمعه وأن يحلل القيم الأخلاقية في أوساطه كمجتمع عصري ومتحول بسبب التقنية الحديثة وكان يتذمر من اللاأخلاقيات
وأوضح الأستاذ الأنواري أن الكاتب استمد موضوع كتابه من تجربته الشخصية في عمله كقائد لطائرات البريد الجوي الفرنسي حيث التقى خلال هذه الفترة العديد من العرب الرُّحل، و هو ما جعل هذه السيرة التي مزجها بحس أدبي و فلسفي ممتعة وعميقة فهي رحلة لتعرُّف المرء على نفسه من خلال تصرفاته أمام ما يصادفه من تحديات، تصل إلى ذروتها عندما يحكي “الكاتب” عن نجاته بأعجوبة بعد تحطم طائرته في الصحراء.”
و استعرضت الأستاذة ريم أهم احداث الكتاب الذي تدور معظمها في مقصورة الطائرة البريدية التي تقطع البحار والمحيطات والصحاري،فرغم ضيق المكان الذي يجلس فيه القائد الا أنه يطل على العالم الشاسع الرحب و يتمتع باكتشاف الجبال و وبجمال النجوم ليلا كما يجول بين الكاتب بين أزمنة مختلفة متداخلة بين لحظات التحليق الليلية وذكريات التدرب وحديث الأصدقاء في مقاهي المطارات انتظارا للإقلاع أو ترقبا لأخبار طائرة فقدوا أثرها وهم يسترجعون مناقب قائدها المغوار.
وأشار الاستاذ حسن أن بعض أحداث هذا العمل في الصحراء الليبية التي تم تصويرها بدقة متناهية، فهي تبعث الخوف في قلوب الطيارين لأنهم يجهلون تضاريسها، ويشاء القدر أن تسقط طائرة سانت على رمالها الحجرية الجرداء لتبدأ رحلة الصراع مع الطبيعة ومع الموت وسراب الحياة .
و أكد أن أرض البشر كتاب عصي التصنيف إذا احتكمنا إلى قانون الأنواع الأدبية،فهو سرد لتجربة واقعية مع طموح الارتقاء بنصه إلى تجاوز التاريخ للدخول في رحاب الأدب الحامل لقيم إنسانية فوق الزمان والمكان،فهو يحمل القارئ إلى رحلة في الفضاء ليزور الهواجس و الأماكن التي مر بها الكاتب فيشاركه مقاومته النوم و شعور التيه و لحظاات رعب السقوط وخفقان القلب عند لحظات الترقب ومحاولات تصليح المحرك.
وعادت الأستاذة ريم لتؤكد أن هذه التجارب الصادقة تضيف إلى الإنسان ثراء جديدا لمعرفة ذاته، لاسيما أن الرواية مليئة بالمشاعر الإنسانية النبيلة وبمشاهد لا يمنح لها هذه القوة إلا من عايشها عن قرب.