الملتقى القطري للمؤلفين يستضيف د. نجلا كلش لتسليط الضوء على صورة الفرد داخل المجتمع في القصة القصيرة القطرية
استضاف الملتقى القطري للمؤلفين ضمن الجلسة النقدية “اقراني فإني هذا الكتاب” التي تبث كل يوم اثنين عبر قناة يوتيوب الملتقى الباحثة الدكتورة نجلا كلش المتخصصة في الدراسات في الأدب العربي و في اللسانيات الحاسوبية و الترجمة، وحاورها الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب و الدراسات النقدية و المقارنة بجامعة قطر و المشرف على هذه المبادرة التي انطلقت منذ حوالي 5 أشهر حول “اكتشاف الفرد في المجتمع: قراءة في القصة القصيرة القطرية”
قدمت الدكتورة كلش في بداية الجلسة لمحة تاريخية عن نشأة الأشكال الأدبية في دولة قطر التي انطلقت مع الصحف المحلية التي ساهمت في إنشاء علاقة بين الكتاب المحليين و القراء وساعدت على الترويج للإنتاج الأدبي حيث بدأت الأستاذة كلثم جبر بنشر قصصها القصيرة في الصحف مع ظهورها ، و أوضحت أن حالة الارتباك التي رافقت طفرة النفط تسببت في أزمة في القيم و الوعي و مثلت حقلا خصبا للكتابات الأدبية خاصة النسوية.
و أصبحت القصة القصيرة الفن المسيطر على النهضة الأدبية القطرية التي دارت بالأساس حول المحور الاجتماعي المتعلقة بالتغير الحضاري و كان للمرأة القطرية حضور قوي في المجال الأدبي باعتباره الوسيلة الأفضل للتعبير عن قضايا المرأة و مشاغلها
وسلطت الباحثة الايطالية الضوء على أهم المواضيع التي تناولتها الكاتبة كلثم جبر باعتبارها أول امرأة قطرية تنشر مجموعة قصصية سنة 1978 لتكشف ما كانت تشعر به المرأة القطرية آنذاك في ظل التغيرات التي عاشها المجتمع مما أدى الى تولد المشاعر المختلطة حيث جسدت جبر أزمة الفرد داخل المجتمع المحلي في مختلف اعمالها فقد كشفت النقلة النوعية الني عاشتها المرأة القطرية و بداية مشاركتها في الحياة الاجتماعية بعد أن كان تعليمها يقتصر على التعليم الديني، فلم تعد المرأة معزولة عما يحصل في محيطها الاجتماعي و الثقافي حيث بدأت تشارك في نمو البلاد و أصبح لها دور حيوي لاسيما بعد تأسيس الأندية الثقافية و الأدبية والمكتبات.
و نقل الكتاب منذ السبعينات إلى يومنا هذا خصوصية المجتمع و التغيرات التي طرأت عليه تدريجيا فتغير الأسلوب و المواضيع ووصلت القصة القصيرة إلى مرحلة النضج الفني في الثمانينات و كان أبرز الأعمال المجموعة القصصية “أنت و غابة الصمت و التردد” التي عبرت عن هموم جيل و أرخت لانطلاقة حقيقية للقصة القصيرة نظرا لشجاعة الكاتبة في التعبير عن المشاعر الحقيقية للشابة القطرية الباحثة عن التغيير و تحرير العقل.
وأشارت أن كلثم جبر تعتمد أسلوب وسط بين النثر والشعر وجاء ملائما لطبيعة الموضوع الذي تعالجه منسجما مع العاطفة الأنثوية و اعتبرت أن أسلوبها أصدق الاساليب وأكثرها دقة و انضباطا في التعبير عن المشاعر الانسانية، حيث حرصت الكاتبة على تصوير أصداء الواقع على نفسها و مشاعرها و قلبها و هو ما جعل كتاباتها أشبه بالقصائد حيث دمجت القضايا مع أسلوبها ليكون وحدة فنية متكاملة. ظاهرة صراع الهوية و البحث عن الذات في مواجهة صدمة الحداثة و الانبهار تجلى بشكل واضح في “ميلاد جديد” و ” الموت مرتين” فهي تحاول أن تعبر عن أحزان مجتمع كامل من خلال أحزان الفرد بالاستفادة من موهبتها الفنية التي تنجح في نقل الشعور الوجداني بالواقع.
و بينت أن الفرد يلعب دورا أساسيا في أعمال كلثم جبر حيث يمكن تحديد هوية عدد من الشخصيات على أساس التقاليد الثقافية و الدينية و اللغوية و التاريخية، وهو ما يجعل هذه المجتمع فريدا و يمكن تمييزه عن غيره من خلال نسيجه الاجتماعي حيث يتعرف الفرد على نفسه كجزء من النظام الذي يشعر فيه بالحماية و الاستقرار و القبول لكن في الوقت ذاته تظهر الشخصيات غريزة قوية في الحفاظ على الفردية، فالأزمة التي يعاني منها الفرد و التي كشفتها أعمال هذه الكاتبة هي أزمة ثقافية تتمثل في التأرجح بين التقليد و الحداثة الذي يؤثر على نظام الايديولوجيات و القيود المبنية اجتماعيا و ليس فرديا، فالواقع الاجتماعي لا يحمي دائما بل يقيد الأفراد الذين هم جزء منه فيصبح الهروب إلى الخيال الطريقة الوحيدة للتعويض والبحث عن الحرية داخل الإبداع.